طرق مقترحة لتعزيز الشعور بالرفاهية (الازدهار) لدى الأطفال في المؤسسات التعليمية
من المهم مراعاة رفاهية (ازدهار) الأطفال في الروضة والمدرسة، فكل منهما جزء لا يتجزأ من بيئتهم، التي تؤثر على طفولتهم ومراهقتهم وبلوغهم. في هذا المقال نتعرف على بعض الطرق التي يمكن بها تحقيق ذلك
5/18/20252 دقيقة قراءة


طرق مقترحة لتعزيز الشعور بالرفاهية (الازدهار) لدى الأطفال في المؤسسات التعليمية
من المهم مراعاة رفاهية (ازدهار) الأطفال في الروضة والمدرسة، فكل منهما جزء لا يتجزأ من بيئتهم، التي تؤثر على طفولتهم ومراهقتهم وبلوغهم. في البداية يجب ان نعرف ما المقصود بازدهار الطفل عموما وفي المؤسسات التعليمية خصوصا. يعرف مركز أبحاث ازدهار الطفولة[--1] مفهوم "ازدهار الانسان" بأنه مفهوم يفهم عموما بانه "جودة حياة الناس" وهي "حالة ديناميكية تتعزز عندما يتمكن الناس من تحقيق أهدافهم الشخصية والاجتماعية. يُفهم الازدهار فيما يتعلق بالمقاييس الموضوعية، مثل دخل الأسرة والموارد التعليمية والحالة الصحية؛ والمؤشرات الذاتية مثل السعادة وإدراك جودة الحياة ورضا الحياة". بالتالي فيمكن القول بان مفهوم "ازدهار الطفل" يعني جودة حياة الطفل والتي تشمل مجالات متعددة. اهتم كل من المشروع المتعدد الجنسيات لمراقبة وقياس ازدهار الأطفال[--2] ، اليونيسيف، ومؤشر رفاهة الطفل في أوروبا[--3] ؛ بتحديد مجالات ازدهار (رفاهية) الطفولة، وعلى الرغم من الاختلاف في تحديد هذه المجالات ومؤشراتها، إلا أنهم أجمعوا على أهمية الجانب البدني وصحة الطفل؛ الجانب النفسي الاجتماعي وعلاقات الطفل بنفسه وبالآخرين؛ الجانب المادي من موارد مادية وما توفره من سكن وتعليم وغير ذلك، واضاف مؤشر رفاهة الطفل في أوروبا الجانب البيئي الى هذه المجالات. في حين ان ازدهار الإنسان هو شيء هام بشكل عام؛ إلا أنه يكتسب أهمية خاصة في مرحلة الطفولة لكونها ترسي الاساسات الي ستبنى عليها شخصية الطفل فيما بعد. وبناء على ذلك فإن رفاهية/ازدهار الطفل في المؤسسات التعليمية يتضمن بالإضافة الى الجانب العقلي/الأكاديمي وجودة التعليم؛ جوانب أخرى مثل الجانب البدني، والجانب النفسي الاجتماعي، وذلك للطبيعة المتداخلة لمجالات النمو المختلفة، من جسدية، وعقلية، ونفسية، واجتماعية؛ حيث تؤثر وتتأثر ببعضها البعض.[--4]
يُعدّ الرفاه الاجتماعي والعاطفي عاملاً أساسياً في جودة حياة الأطفال[--5] ، ويمكن للتفاعل والعلاقات الصحية بين الأطفال والمعلمين من جهة، وبين الأطفال أنفسهم من جهة أخرى، أن تُعزز ازدهارهم. ويمكن للمعلمين تحقيق ذلك من خلال تعليم الأطفال المهارات الاجتماعية والعاطفية، ومنح الأطفال فرصاً لتوطيد الروابط بين المعلم والطفل، بالإضافة إلى استخدام مراكز التعلم لتعزيز التفاعل بين الأطفال من خلال العمل في مجموعات صغيرة[--6] . في دراسة قام بها كل من هانوشيك وكين[--7] عام ٢٠٠٥؛ أشار الباحثان الى ان تأثير المُعلم على تعلم الطلاب يفوق أهمية كل العوامل الأخرى في العملية التعليمية. وبالمثل، يستفيد الأطفال من مختلف الخلفيات الاجتماعية والاقتصادية -وخاصةً الطلاب من ذوي الوضع الاجتماعي والاقتصادي المنخفض- من تقليل حجم الفصل الدراسي وتقليل نسبة المعلمين إلى الطلاب، مما يسمح بعلاقة أكثر تفاعلية مع المعلمين[--8] . في حين اعتبر كوبر [--9] ان توفير عدد كافٍ من المعلمين المؤهلين جيدًا طريقة فعالة للتعامل مع مشكلة التحصيل الدراسي لدى المدارس ذات الأغلبية من الطلاب ذوي الوضع الاجتماعي والاقتصادي المنخفض. من جانب اخر سيكون توافر تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وموارد التعليم المنزلي مفيدًا للطلاب بشكل عام وخاصة ذوي الوضع الاجتماعي والاقتصادي المنخفض حيث أظهرت دراسة لبيليباش[--10] عام ٢٠١٦ أن توفير الموارد التعليمية المنزلية يُحسّن من أدائهم في المدرسة.
يُعد تدريب الطلاب على تعزيز المهارات الوظيفية التنفيذية والتنظيم الذاتي، طريقة لتعزيز رفاهية/ازدهار الطفولة في السياق التعليمي. قدمت أبحاث مركز دراسات الطفل النامي بجامعة هارفارد [--11] المهارات الوظيفية التنفيذية على انها مهارات حيوية هامة لكل من عملية النمو وعملية التعلم، وهي تشمل ثلاثة جوانب رئيسية؛ "الذاكرة الفعالة"، "الكبح الذاتي"، و"المرونة الإدراكية"[--12] ، وهي المهارات التي تيسر عملية تخزين وتنظيم المعلومات، كما تساعد على تحييد الملهيات من خلال التحكم في التفكير والاندفاعات قبل اتخاذ القرارات او بمعنى اخر الانضباط الذاتي، وأخيرا فهذه المهارات تتيح المرونة للتأقلم من خلال تغيير التفكير تبعا للأولويات. يمكن تحقيق تعزيز مهارات الوظيفة التنفيذية والتنظيم الذاتي من خلال روتين ثابت وقابل للتنبؤ، واللعب الخيالي، ورواية القصص، وألعاب الحركة[--13] . وهذا من شأنه أن يساعد النمو الصحي للأطفال بشكل عام وخاصة نمو المخ والتعلم، حيث ان دراسات الاعصاب اثبتت ان اللعب يعتبر وسيلة فعالة لتحفيز نمو الدماغ وتطوير التعلم[--14] . بالإضافة إلى ذلك، يشير روثستاين[--15] إلى أهمية المهارات غير المعرفية في تحقيق النجاح خاصة في حالة الطلاب ذوي الوضع الاجتماعي والاقتصادي المنخفض، فإذا انخرط هؤلاء الطلاب في تجارب حياتية مناسبة تساعدهم على تطوير مهارات غير معرفية أساسية - مثل المثابرة والثقة بالنفس والانضباط الذاتي - فقد تعود عليهم هذه المهارات بفائدة أكبر من نتائجهم الأكاديمية وذلك لمساعدتهم في حياتهم المستقبلية بشكل عام.
من ناحية أخرى، يُمكن أن يكون الاهتمام بأساليب التعلم والذكاءات المتعددة وسيلةً فعّالة للغاية لتعزيز رفاهية وازدهار الأطفال في الروضة والمدرسة. قدم هاورد غاردنر نظرية الذكاءات المتعددة التي قالت بان الذكاء ليس بقدرة واحدة تُقاس باختبارات الذكاء التقليدية، بل يتكون من أنواع متعددة. قدم غاردنر تسعة أنواع من الذكاءات هي؛ الذكاء اللغوي؛ الذكاء المنطقي-الرياضي؛ الذكاء الموسيقي؛ الذكاء البصري/الفراغي؛ الذكاء الجسدي-الحركي؛ الذكاء الاجتماعي (بين الأشخاص)؛ الذكاء الذاتي (داخل الشخص)؛ الذكاء الطبيعي؛ الذكاء الوجودي. التعليم التقليدي يركّز على الذكاء اللغوي والمنطقي؛ ولكن نظرية الذكاءات المتعددة تُشجع المعلمين على استخدام أساليب تعليمية متنوعة تُراعي اختلاف قدرات الطلاب، وتوفر لهم طرقًا مختلفة للتعبير عن الفهم، مثل الغناء، الرسم، العمل الجماعي، أو السرد القصصي، مما يتيح للطلاب حرية الاختيار ويساعدهم في استثمار نقاط قوتهم. اما بالنسبة لأساليب التعلم؛ فيقصد بها ان المتعلمون يمتلكون طرقًا -او أساليب- مفضلة مختلفة لمعالجة المعلومات والتفاعل معها. من النماذج الشائعة نموذج (في آي كي)[--16] والمقصود به هو وجود ثلاث أساليب للتعلم؛ بصري، سمعي، حركي. حيث ان المتعلمون البصريون يتعلمون من خلال الرؤية، والمتعلمون السمعيون يتعلمون من خلال السمع، اما المتعلمون الحركيون فيتعلمون من خلال الفعل والحركة. هناك أيضا نموذج فيلدر-سيلفرمان[--17] ، والذي يصنف المتعلمين الى؛ الإحساسي مقابل الحدسي، البصري مقابل اللفظي، النشط مقابل التأملي، المتسلسل مقابل الشمولي، وغيرها من النماذج والتصنيفات. تشجع أساليب التعلم استخدم أساليب تدريس متنوعة وليس فقط المحاضرات أو مهام الكتابة، والسماح للأطفال باستخدام طرق متعددة للاستجابة لطلبات المعلم مثل الرسومات، النماذج، العروض الشفوية. هناك علاقة وثيقة بين أساليب التعلم والذكاءات المتعددة فكلاهما يشجع على فهم الأطفال بشكل أكبر، والتنويع بين طرق التدريس، كما يساعد فهمهما وتطبيقهما بشكل صحيح على تخصيص طرق التدريس لملائمة احتياجات الطلاب المختلفة. يجب ان يحذّر المعلمين من تصنيف الطلاب بشكل صارم لأساليب تعلم محددة، لأن التركيز المفرط على أساليب التعلم قد يجعل الأطفال يقيدون أنفسهم ومن المهم كذلك التأكيد على ضرورة المرونة في التعليم وتشجيع الطلاب على تطوير مهارات تعلم متنوعة. ستوفر الأنشطة التي تراعي أساليب التعلم المختلفة، والذكاءات المتعددة؛ تعليمًا أكثر استجابةً لاحتياجات الاطفال، من خلال استخدام أساليب تعلم متنوعة والاستفادة من نقاط قوتهم.
(Pritchard, 2013)
في الختام، ازدهار/رفاهية الأطفال بشكل عام يتضمن الاهتمام بجوانب الطفل المختلفة من جانب عقلي، وبدني، ونفسي، واجتماعي، وبناء على ذلك فلتحقيق ازدهار الطفل في داخل المؤسسات التعليمية المختلفة يجب مراعاة كامل جوانب شخصية الطفل وليس فقط الجانب التعليمي والأكاديمي. لتعزيز الازدهار الاجتماعي والنفسي؛ يمكن دعم انشاء روابط صحية بين الأطفال والمعلمين ومما يساعد على ذلك تقليل عدد الأطفال في الفصول. كذلك تعليم المهارات الاجتماعية والعاطفية لتحسين علاقاتهم مع بعضهم البعض وإتاحة الفرصة للأطفال لممارسة المهارات الاجتماعية المتعلمة؛ من خلال العمل في مجموعات صغيرة في مراكز التعلم. هناك العديد من الطرق الأخرى لتعزيز رفاهية الطلاب؛ مثل تدريب الطلاب على تنمية المهارات الوظيفية التنفيذية والتنظيم الذاتي من خلال ألعاب مختلفة يساعدهم على النجاح في المدرسة وفي الحياة بشكل عام. كذلك فان توافر تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وموارد التعليم المنزلي يرفع من أداء الأطفال المدرسي وخاصة الطلاب ذوي الوضع الاجتماعي والاقتصادي المنخفض. بالإضافة إلى ان توفير مواد وأنشطة دراسية متنوعة تراعي أساليب التعلم والذكاءات المتعددة يتيح للأطفال استخدام نقاط قوتهم والتعبير عن أنفسهم بشكل أفضل؛ مما ينمي ثقهم ويزيد من دافعيتهم للتعلم ويعزز ازدهارهم بشكل عام في المؤسسات التعليمية.
References:
Bagdi, A., & Vacca, J., (2005), ‘Supporting Early Childhood Social-Emotional Well Being: The Building Blocks for Early Learning and School Success’, Early Childhood Education Journal, 33(3) pp. 145-150, Available at: https://link.springer.com/article/10.1007/s10643-005-0038-y, (accessed: 22/04/2025)
Bellibaş, MŞ, (2016), ‘Who are the Most Disadvantaged? Factors Associated with the Achievement of Students with Low Socio-Economic Backgrounds’, Educational Sciences: Theory & Practice, 16, 2, pp. 671-710, Available at: https://files.eric.ed.gov/fulltext/EJ1101216.pdf, (accessed: 22/04/2025)
Center on the Developing Child at Harvard University, (2014), ‘Enhancing and Practicing Executive Function Skills with Children from Infancy to Adolescence’, Available at: http://developingchild.harvard.edu/resources/activities-guide-enhancing-and-practicing-executive-function-skills-with-children-from-infancy-to-adolescence/, (accessed: 22/04/2025)
Child Well-Being Research Centre, (2010), ‘Childhood Wellbeing: A Brief Overview’, pp.1-18, London: The Stationery Office, Available at: https://www.gov.uk/government/uploads/system/uploads/attachment_data/file/183197/Child-Wellbeing-Brief.pdf, (Accessed: 25/01/2025)
National Scientific Council on the Developing Child, (2012), ‘Establishing a Level Foundation for Life: Mental Health Begins in Early Childhood: Working Paper No. 6’, Updated Edition, Available at: http://developingchild.harvard.edu/resources/reports_and_working_papers/working_papers/wp6/, (accessed: 22/04/2025)
Pritchard, A., (2013), ‘Ways of Learning: Learning Theories and Learning Styles in the Classroom’, London: Routledge 2nd ed. (2009)
Whitebread, D., & Sinclaire-Harding, L., (2014/October-November) ‘EYFS Best Practice: All About ... Neuroscience and the Infant Brain’, Nursery World, pp.21-24
https://www.nurseryworld.co.uk/content/features/eyfs-best-practice-all-about-neuroscience-and-the-infant-brain/ (22/04/2025)
الملاحظات
[--1]Childhood Wellbeing Research Centre (CWRC)
المركز عبارة عن شراكة بين وحدة أبحاث توماس كورام (TCRU) ومراكز أخرى في معهد التعليم ومركز أبحاث الطفل والأسرة (CCFR) في جامعة لوفبورو وPSSRU في جامعة كنت
[--2]Multi-National Project for Monitoring and Measuring Children’s Wellbeing (Child Well-Being Research Centre, 2010)
[--3]Index of Child Wellbeing in Europe (Child Well-Being Research Centre, 2010)
[--4](The National Association for the Education of Young ChildrenÕs (NAEYC), 1995; cited in Bagdi & Vacca, 2005)
[--5](Bagdi & Vacca, 2005; National Scientific Council on the Developing Child, 2012)
[--6](Pritchard, 2013)
[--7](Hanushek & Kain, 2005; cited in Bellibaş, 2016)
[--8](Bellibaş, 2016)
[--9](Kober, 2001; cited in Bellibaş, 2016)
[--10](Bellibaş, 2016)
[--11]Center on the Developing Child at Harvard University
[--12](Center on the Developing Child at Harvard University, 2014)
[--13](Center on the Developing Child at Harvard University, 2014)
ملحوظة: يمكنكم ايجاد امثلة للانشطة التي يمكن تنفيذها مع الاطفال من مختلف الأعمار في صفحة (مصادر) الموجودة بهذا الموقع، مُقَدمة من مركز دراسات الطفل النامي بجامعة هارفارد
https://scatteredpearls.com/msadr-educational-resources
[--14](Whitebread& Sinclaire-Harding, 2014)
[--15](Rothstein, 2004; cited in Bellibaş, 2016)
[--16](VAK model) Visual, Auditory, Kinaesthetic
[--17]Felder-Silverman Model
مقاطع الفيديو
تواصل معنا
اشترك في قائمة مراسلات الموقع
info@scatteredpearls.com
© 2024. All rights reserved.